بيانات عاجله

مصر 2007

القاهرة في 25 يناير 2007

 

تعليق المركز

على بعض مواد مقترحات التعديلات الدستورية 

يعد دستور الدولة اسمي تشريع داخلها وذلك بالنظر إلى موضوعاته التي تضم الدولة ونظامها السياسي وحقوق وحريات مواطنيها ، ويسمو الدستور بذلك على ما عداه من قواعد قانونية وتشريعات، بحيث لا يجوز أن يخالف أي تشريع نصا ورد بالدستور أو يتعارض مع روحه .

ومن ثم تلتزم جميع السلطات في النظام السياسي في الدولة بوجوب التقيد بنصوصه واحترامه وعدم الخروج على حدوده والالتزام به ، كقيد حاكم في ممارستها لسلطاتها ، ومن بعد يمثل السياج العام للحقوق والحريات العامة .

ويعد الدستور من جهة أخرى انعكاسا لمدى التقدم الحضاري والإنساني في الدولة ، وتواجه الدساتير أحيانا مشكلة عدم اتساقها مع موجات التطور في المجتمعات، مما يطرح لفكرة تعديل أو تغيير الدستور .

الحاجة إلى تعديل الدستور وغاياتها :

1.    الحاجة إلى تعديل الدستور تفرضها طبيعة الأشياء ، فالقواعد الدستورية تضع نظام الحكم في الدولة في إطار المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة وقت إصدارها .

2.    ولما كانت هذه المعطيات لا تفلت من قانون التطور ، فمن الضروري تعديل الدستور ليتمشى مع المتغيرات التي أفرزها قانون التطور .

أي إعاقة لهذه المتغيرات من أن تعبر عن نفسها بتعديل دستوري تفتح السبيل لإجراء التعديل بالطرق غير المشروعة كالثورة أو الانقلاب .

تعليق المركز على مواد التعديل

1. المادة 1 من الدستور :  

              

والتي تنص على أنه " جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم علي تحالف قوي الشعب العاملة. والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل علي تحقيق وحدتها الشاملة ".

ويرى المركز :

-         أن هذه المادة قد جعلت للدولة مذهبا ، والمذاهب يصوغها الفكر الإنساني ويعتنقها الإنسان ، وهي عرضة للخطأ والصواب ، وللتأييد والمعارضة، وللخلافات من داخلها ، وللتصادم مع غيرها من المذاهب ، وهذه المذاهب تتغير بتغير الظروف التاريخية والموضوعية التي صيغت في لها .

-          وقد تمت صياغة هذه المادة بطريقة تفرض على الحكومات تبني أيدلوجيات معينة قد لا تكون محل قبول من المجتمع أو تخطاها المجتمع بحكم التطور الوارد على قيمه ومفاهيمه،

ويشير المركز أن هذه المادة قد تخضع لتعديلات أخرى تالية ما لم يراع المشرع الدستوري النقاط التالية :

-         إيلاء الاعتبار إلى أن الانتماء الأخلاقي أو القومي قضايا يحكمها المجتمع ولا يجب أن يتبناها الدستور .

-          ضرورة أن يتجنب الدستور ملامح أي سياسات سواء اقتصادية أو أيدلوجية ، وبما يسمح بتغيير الأفكار والسياسات لكل حكومة تتولى السلطة ، حسب توجهات المجتمع والتطورات التي تطرأ عليه.

-         أن تقرير مبدأ المواطنة بما يعنيه من قيام علاقة بين الوطن والمواطن ينتج عنها التزامات وواجبات لكل من الطرفين لدى الآخر ، إنما تفرزه طبيعة رؤية وتعامل مؤسسات الدولة لهذا المواطن ومدى احترامها لحقوقه وحرياته الأساسية .

-         مراعاة تفعيل العديد من نصوص الدستور سيما المواد ذات الصلة بحقوق وحريات المواطن ، وأن تفعيل النص خير من إهماله .

2. مادة 4 :

والتي تنص على أن " الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم علي الكفاية والعدل ، بما يحول دون الاستغلال ، ويؤدي إلي تقريب الفوارق بين الدخول ، ويحمي الكسب المشروع ، ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة" .

ويرى المركز أن :

-         النص الحالي وبعد تعديله عام 1980 لازال يعلن أن الاشتراكية هي أساس النظام الاقتصادي ، ويجاهر بأحد ابرز شعارتها " الكفاية والعدل " وهو ما يخالف الواقع حيث اتجهت الدولة ومنذ منتصف السبعينات إلى سياسة الاقتصاد الحر .

-         هذه المادة وثيقة الصلة بالمادة الأولى من الدستور ويصدق عليها ما أورده المركز بشأن المادة الأولى من ضرورة عدم تبني الدستور لمذاهب أيدلوجية أو اقتصادية معينة ، ويترك ذلك لتوجهات المجتمع مع إيلاء الاعتبار للتطورات التي ترد على قيمه ومفاهيمه .

-         ويرى المركز أن على المشرع الدستوري أن يتلافي المزج في مواد الدستور بين الاعتبارات الاقتصادية والاعتبارات الاجتماعية .

3. المادة (5) من الدستور :

والتي تنص على "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور. وينظم القانون الأحزاب السياسية ".

ويرى المركز أن نص المادة بوضعه الحالي:

-         لا يشير من قريب أو بعيد الى تفرقة قائمة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين .

-         كما يرى المركز أن تتضمن التعديلات فقط ما مفاده الحق في وحرية تكوين الأحزاب المدنية .

-         يرى المركز كذلك أن يكون إنشاء الأحزاب المدنية عبر نظام الإخطار .

-         أن التعديل المقترح يمزج بين النشاط السياسي والعمل الحزبي ، وهو ما قد يصادر على حق المواطنين في حرية الرأي والتعبير ومساهمته في الحياة العامة .

4. الفقرة الأولى من المادة 12 :

و تنص هذه المادة على أن " يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها ، والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة ، وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية ، والتراث التاريخي للشعب ، والحقائق العلمية ، والسلوك الاشتراكي، والآداب العامة ، وذلك في حدود القانون . وتلتزم الدولة بإتباع هذه المبادئ والتمكين لها.

يرى المركز ، وعلى الرغم مما بين الدستور والأخلاق والتقاليد من صلة وثيقة، حيث تجسد المبادئ الدستورية والقانونية أخلاقيات المجتمع ، وترفع من منزلة الأخلاق إلي مصاف القواعد القانونية الملزمة للكافة ، ولكنهما ليسا شيئا واحدا ، فحيث يتطابق مقتضى القاعدة القانونية مع مقتضى القاعدة الأخلاقية فإن ذلك لا يكون دائما نزولا من القاعدة القانونية على اعتبارات القاعدة الخلقية ولكنه يكون لمصلحة مشتركة ، وهي توافقات مرحلية ، فربما يرتضى المصريون يوما تخصيص كوتا 50% للعمال والفلاحين في تركيب السلطة نظريا على الأقل ، لكنه ربما يغير رأيه اليوم ، فلا يجب أن يصطدم تغيير رأيه هذا تبعا لمعطياته الحالية أو المستقبلية مع نص دستوري ، وإلا انفصل الدستور عن أصحابه الشرعيين .

5. المادة 74 :

والتي تنص على أنه "  لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانا إلي الشعب، ويجري الاستفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها".

ويرى المركز ضرورة إلغاء هذه المادة من بين نصوص الدستور المصري وذلك للآتي :-

-         هذه المادة لا فائدة منها في الدستور إذ تعتبر – إضافة إلى المادة 147- تتويجا لتركيز السلطة وتكريسها لرئيس الجمهورية  ، فإذا كانت المادة 108 من الدستور تخول رئيس الجمهورية-وبعض تفويض من مجلس الشعب- في الظروف الاستثنائية أن يصدر قرارات لها قوة القانون ، وإذا كانت المادة 147 تخول رئيس الجمهورية في حالة غياب مجلس الشعب أن يصدر قرارات لها قوة القانون حال حدوث ما يستوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، فإن وجود هذه المادة يعد تكرارا من المشرع الدستوري قد ينحدر بهذه المادة إلى درجة اللغو.

-         صياغة هذه المادة – حتى وإن عدلت ببعض الضمانات الشكلية – تمثل تهديدا جسيما للحقوق والحريات ، فالألفاظ المطاطة التي صيغت بها هذه المادة ( خطر – وحدة وطنية –سلامة وطن – يعوق – إجراءات سريعة ) تستعصي على التحديد ، مما يجعل تحديد هذه الألفاظ بيد رئيس الجمهورية وحده ، وله أن يعطيها ما يشاء من المعاني لكي يتخذ ما يشاء من الإجراءات .

-         هذه المادة وبعد التعديل المقترح تخلو من الضمانات الفعلية للحد من السلطات الاستثنائية الواسعة التي تخولها لرئيس الجمهورية ، حيث لا تمثل استشارة رئيس مجلس الوزراء الذي يعينه رئيس الجمهورية أو استشارة رئيسي مجلسي الشعب والشورى أعضاء الحزب الذي يرأسه رئيس الجمهورية  ضمانة فعلية للحد من السلطات الاستثنائية الواسعة لرئيس الجمهورية أو لحماية الحقوق والحريات العامة للمواطنين .

-         الاستفتاء الوارد في عجز هذه المادة والذي لم تشر إليه التعديلات متروك أمر القيام به لرئيس الجمهورية له أن يجريه أو لا حيث استهل النص بعبارة " لرئيس الجمهورية إذا .... أن يتخذ ... ويوجه.... ويجري الاستفتاء ..."

-         لم يحدد نص المادة أي جزاء على عدم إجراء هذا الاستفتاء.

-         لم يحدد النص مصير هذه الإجراءات في الفرض الذي قد يرفض فيه الشعب هذه الإجراءات .

وهذه المادة ومنذ صدور دستور 1971 تم الاستناد إليها مرتين كانت الأولى خلال العام 1977 على إثر أحداث 18-19 يناير 1977 ، حيث استخدمت الحكومة سلطاتها بموجب قانون الطوارئ ، إلا أن رئيس الجمهورية وبعد استتباب الأمن تماما قام في 3 فبراير 1977 بإصدار القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 وأعلن في ديباجته أنه يستند للمادة 74 من الدستور . حيث توسع توسعا غير مألوف في مجال التجريم وتشديدا استثنائيا بالغ القسوة للعقوبات بشأن الجرائم الواردة في القانون المشار إليه.

والمرة الثانية التي تم الاستناد فيها إلى المادة 74 من الدستور فقد تمثلت في القرارات الجمهورية  489-490-491-492-493-494-495 الصادرة في 2 سبتمبر 1981 .وما استتبع ذلك من صدور القرار بقانون رقم 154 لسنة 1981 بإضافة فقرة جديدة تحت بند " خامسا" إلى المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب والتي حددت اختصاصات محكمة القيم .

6. تعديل المادة 76 من الدستور بشأن انتخاب رئيس الجمهورية .

 ويرى المركز أنه على المشرع الدستوري تلافي الانتقادات التي وجهت لهذه المادة من حيث الآتي:

أولا : من حيث الصياغة:

حيث يكفي لتعديل هذه المادة النص على أن " ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري المباشر " تاركا غير ذلك من التفصيلات لتصب في قانون خاص بذلك أو في قانون مباشرة الحقوق السياسية ، بحيث لا يتطرق النص الدستوري إلى كل التفصيلات الواردة في نص هذه المادة.

ثانيا : من حيث ضوابط الترشيح

والتي يلاحظ فيها ارتفاع نسب التأييد التي يجب على المتقدم للترشيح الحصول عليها ، في ل سيطرة حزب واحد على جميع المجالس ( شعب – شورى – محليه) مما سيؤدى معه وبالتبعية إلى عدم حصول المرشح على نسبة الأصوات المطلوبة ، كما أنه لا يوجد حزب معارض واحد يمتلك 5% على الأقل من المقاعد المنتخبة.

ثالثا : تلافي تصادم نص المادة 76 مع المادة 68 من الدستور :

حيث أوردت المادة 76 بشأن لجنة الانتخابات الرئاسية أن قرارات تلك اللجنة نافذة ونهائية ولا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل ووقف التنفيذ ، وذلك بالمخالفة لنص المادة 68 فقرة ثانية التي تنص على أنه يحر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء .

7. المواد 82-84 الفقرة الأولى -85 الفقرة الثانية بشأن تحديد من يحل محل رئيس الجمهورية عند قيام مانع  مؤقت أو دائم أو عند اتهامه بهدف السماح بحلول رئيس مجلس الوزراء عند تعذر حلول نائب رئيس الجمهورية في تلك الحالات دون أن يباشر من يحل محل الرئيس السلطات بالغة الأثر في الحياة السياسية كإقالة الحكومة وحل مجلس الشعب وطلب تعديل الدستور .. فهذه السلطات يجدر عدم استخدامها خلال الفترة العرضية التي تنظمها هذه المواد .

-         ويرى المركز ، ونزولا على قاعدة أن إعمال النص خير من إهماله ، فإن المادة 139 من الدستور – بغض النظر عن الخلاف بشأن أن هذا النص يلزم رئيس الجمهورية بتعيين نائب على الأقل ويرد الجواز على تعيينه لأكثر من نائب – تنص على أنه " لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم. وتسرى القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية على نواب رئيس الجمهورية".

-         كما يرى المركز أن إعمال نص هذه المادة يغني عن الجدل بشأن مدى دستورية تفويض رئيس الجمهورية المنتخب والمفوض من قبل الشعب لرئيس مجلس الوزراء غير المنتخب ، وكذلك بحث مدى دستورية تفويض هذا التفويض .

-         قد تجد هذه التعديلات صداها بشأن نيابة رئيس مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية، حال كون رئيس مجلس الوزراء منتخبا وليس معينا من رئيس الجمهورية .

8. المادة 88 من الدستور بشأن الإشراف القضائي على الانتخابات :

يرى المركز:

-         أن فكرة إنشاء لجنة عليا للإشراف على الانتخابات معمول بها في العديد من الدول المتقدمة .

-         أن هذه الفكرة لتطبيقها تستلزم عدة معطيات لا ينبغي الالتفات عنها ، مثل أن هذه اللجان في هذه الدول تتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية ، كما أن هذه اللجان يدعم وجودها ودورها وجود مؤسسات مجتمع مدني وجمعيات أهلية وأحزاب حرة وفاعلة.  

-         تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع في مصر ، لا يؤتي ثماره إلا من خلال ، ضمان حيدة ونزاهة هذه اللجنة بتوافر الشروط التالية :

-         أن تنشأ هذه اللجنة بقانون .

-         أن تخضع هذه اللجنة وأعمالها لرقابة القضاء .

-         أن ينص في قانون إنشائها على صلاحيات وحصانة أعضائها .

-         أن يمنع أعضاء هذه اللجنة من الترشيح أو شغل منصب عام لمدة 10 سنوات .

-         أن يتم تعيين أعضاء هيئة قيادية  لهذه اللجنة من أشخاص يشهد لهم بالنزاهة والحيدة .

-         أن تعلن هذه اللجنة عن فتح باب تلقي طلبات التطوع للمشرفين على اللجان الفرعية على أن يشترط فيهم أن يكونوا ممثلين لكافة فئات المجتمع وحاصلين على مؤهلات تضمن سلامة قيامهم بالمهام الموكلة إليهم ، وألا يكونوا منتمين لأي حزب سياسي ، ويتعهدوا كتابة بعدم الانحياز لأي فريق من المتنافسين في الانتخابات ، ويتم اختيار هؤلاء المتطوعين عن طريق القرعة العلنية ، وأن يتم العمل بنظام التغريب في توزيع المشرفين على اللجان الفرعية.

-         ويرى المركز أنه إذا كانت هناك رغبة حقيقية في نقل المجتمع المصري من مستوى المتفرج إلى مستوى المشارك والفاعل في إدارة الحياة العامة ، فلا بد من توافر ضمانات على غرار ما سبق ذكره .

-         أما إذا كان التعديل لإقصاء القضاء عن الإشراف على الانتخابات ، فإن هذا التعديل سوف تمون عواقبه وخيمة على حرية وإرادة الناخبين .

9. المواد 127 و133 و136 فقرة أولى و194 و195 والتي يتم تعديلها بهدف تعزيز سلطة البرلمان وتفعيل لدوره التشريعي والرقابي و التخفيف من إجراءات تقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء ، وتعزيز دور مجلس الشعب. ومنح رئيس الجمهورية حل مجلس الشعب بقرار منه من دون حاجة إلى استفتاء الشعب.

ويرى المركز أنه من الجيد تقوية الدور الرقابي للبرلمان لاسيما على أعمال الحكومة ،وصلاحيته في سحب الثقة منها ،  لكن هذا التعديل كان يستلزم وبالضرورة منح صلاحيات فعلية للحكومة ، ولكن بالنظر إلى مواد الدستور بشّأن اختصاصات الحكومة واختصاصات رئيس الجمهورية يتلاحظ التالي :

-         في الوقت الذي اتجهت فيه النصوص إلى دعم مركز رئيس الجمهورية ، لم تبد الكثير من الاهتمام بمجلس الوزراء  ، فاختصاصات المجلس إما إدارية( إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقا للقوانين م 156 / ح، عقد القروض م 156 / ز ، ملاحظة تنفيذ القوانين م 156/ح ، وإما مشاركة مع رئيس الجمهورية ، مع ميل واضح لكفة رئيس الجمهورية ، فمجلس الوزراء يشارك رئيس الجمهورية في رسم السياسة العامة للدولة ، إلا أن دور رئيس الجمهورية بحكم سلطته في تعيين الوزراء وعزلهم ومساءلتهم يرجح دور رئيس الجمهورية .

-         أن زيادة مساحة مساءلة مجلس الوزراء رغم تواضع اختصاصاته التي لم تضف إليها التعديلات اختصاصات حقيقية، يجعل نصوص الدستور متناقضة من حيث أنها تعفي من يملك السلطة الحقيقية من المساءلة ، ومن يعاون الرئيس في بعض جوانب هذه السلطة يتعرض للمساءلة الكاملة .

-         وبشأن حل مجلس الشعب بقرار من رئيس الجمهورية دون الحاجة إلى استفتاء شعبي ، فإن المركز يرى :

-         أن ذلك تكريسا من الدستور لسلطات رئيس الجمهورية ، وإضعافا لسلطة البرلمان في مواجهته ، بما يمثله ذلك من إهدار للإرادة الشعبية التي انتخبت أعضاء البرلمان 

10. إلغاء الفصل السادس والمادة 179.

يؤيد المركز إلغاء نظام المدعى العام الاشتراكي ، وما يستتبعه ذلك من إلغاء محكمة القيم كقضاء استثنائي .

11. إضافة نص ينظم حماية الدولة من الإرهاب :

-         إن إقامة نظام قانوني يختص بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ليكون بديلا تشريعيا لمكافحة هذا الخطر دون حاجة لتطبيق قانون الطوارئ وبحيث لا تحول الأحكام الواردة في المواد 41 الفقرة الأولى و 44 من 45 الفقرة الثانية دون قدرة إجراءات مكافحة الإرهاب على التصدي لإخطاره وآثاره الجسيمة،

-         يرى المركز ، أن ما صدر عن السيد رئيس الجمهورية من ضرورة ألا تحول الأحكام الواردة في المواد 41 الفقرة الأولى و 44 من 45 الفقرة الثانية دون قدرة إجراءات مكافحة الإرهاب على التصدي لإخطاره وآثاره الجسيمة، يمثل الآتي :

·       سابقة تعد الأولى من نوعها أن يعطي المشرع الدستوري للمشرع القانوني ترخيصا بمخالفة أحكام دستورية تتعلق بالحقوق والحريات .

·       فإذا علمنا أن المادة (41 / أ) تتحدث عن أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة تحقيق صيانة أمن المجتمع .

·       وإذا علمنا أن المادة (44) تنص على أنه للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها وتفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب .

·       وإذا علمنا أن المادة (45 فقرة ب ) تنص على أنه لا تجوز الإطلاع أو مصادرته أو مراقبة المراسلات البريدية والبرقية أو المحادثات التليفونية .

·       فإنه بمفهوم المخالفة لما جاء في خطاب الرئيس خاصة ما يتعلق منه بتعديل المادة 179 ، فإن الدولة ترغب في نص دستوري يسمح بإنشاء قانون جديد لمكافحة الإرهاب ، يسمح بالاقتراب من الحرية الشخصية ، والقبض على وتفتيش الأفراد وحبسهم وتقييد حريتهم ومنعم من التنقل دون إذن قضائي و دون تحقيق قضائي ، و كذا انتهاك حرمة المساكن ودخولها وتفتيشها بدون أمر قضائي مسبب ، وكذا إمكانية التصنت ومراقبة المراسلات البريدية والمحادثات التليفونية بدون إذن قضائي ، وهذا يعنى في مجمله إن كافة الحقوق والحريات الشخصية والفردية للمواطنين سوف تكون في خطر بالغ ويمكن أن يقضى عليها تحت دعوى مكافحة الإرهاب

ويشير المركز :

-         أن الحكومة وإن كانت تريد أن تواجه تيارا سياسيا أو تخشى أعمال عنف وهمية كانت أو حقيقة ، فعليها أن تبتعد عن نصوص الدستور المصري ولا تقحم نصوص الدستور خاصة المتعلق بحرمة المساكن والحق في الحياة والحق في عدم تقييد الحرية ، ولها أن تخالف ذلك إن أرادت .

-         أن التذرع بأن هذه الإجراءات حدثت بالفعل في تشريعات دول متقدمة الآن بعد أحداث 11 سبتمبر مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ، فإنه تشبيه مع الفارق الكبير بين واقع ومدى احترام الدساتير في تلك البلدان وما يحدث في حكومة مثل الحكومة المصرية خاصة القدرة الفائقة على الالتفاف والتحايل على النصوص الدستورية والتشريعية ، بل ووقف أعمالها . ففي تلك البلدان مجتمع مدني وقضاء مستقل و صحافة حرة و إعلام قوى وبرلمانات قوية تستطيع محاكمة ومحاسبة الجميع . هذه ضمانة لديهم لمحاصرة الدولة والحكومة إذا مست الحقوق والحريات الفردية ، وهو ما لم يتوافر بعد في مصر ، وهو الأمر الذي يكون معه السماح بالاقتراب من نصوص الباب الثالث أمر بالغ الخطورة .

-         على المعنيين أن يعلموا أن النصوص الدستورية وضعت للحد من التهور والرغبة في التغول من قبل الحكومات على الحقوق والحريات ، ولم توضع من أجل تسهيل مهمة الحكومة في القيام بمهام معينة ، حتى وإن كانت تلك المهمة خطرة مثل مواجهة الإرهاب .

-         أن التشريعات هي المعنية بمساعدة الحكومة على القيام بمهامها ، ولكن عليها أن تعلم أن هناك سقف تشريعي أسمى وأعلى هو (نصوص الدستور) لا يجب أن تتخطاه وهى تواجه ظواهر العنف تشريعيا .

-         أن محاولة تطويع النصوص الدستورية لغرض القيام بمهام تشريعية لمواجهة أزمة ، يعنى إنهاء الشرعية الدستورية واستبدالها بالشرعية الأمنية أو الثورية ... الخ ، من الشرعيات التي لم يعد لها مكانا الآن بعد تطورات المجتمعات .

-         أنه لا يجوز أن يدفع الدستور والمواطنين حريتهم ، ثمنا لقصور الحكومة في أداء مهامها في حل أزمة أو أزمات وأن البديل الأفضل هو تعديل الحكومات وليس تعديل النصوص الدستورية

-         يرى المركز أن وجود مثل هذا التشريع محله القوانين العادية وليس دستور الدولة .

-         كما أن قانون العقوبات ، وما أضيف إليه من تعديلات ( القانون 79لسنة 1992) المعروف بقانون مكافحة الإرهاب  يغني عن النص على ذلك القانون في نصوص الدستور

رؤية المركز عموما لتعديل 34 مادة في دستور 1971 :

ويرى المركز أن تعديل هذا الكم غير المسبوق في مواد الدستور يستدعي حتى يؤتى ثماره المتطلبات التالية:

-         ضرورة إجراء التعديلات الدستورية من خلال رؤية وفلسفة جديدة للدستور المصري، تنهي شكل السلطة الأبوية لرئيس الجمهورية، وتعمل على إيجاد توازن حقيقي بين السلطات الثلاث.

-         الحديث عن تعديل الدستور يكون مثمرا ومنتجا عبر استطلاعات رأي عام حرة ومستقلة ودراسات علمية مستقلة تسبق تعديل الدستور ، وإلا احتكرت فرصة تقديم المبادرة والرأي ، وعرضت التعديلات على الجمهور في استفتاء ، لا خيارات فيه أمام المواطنين – أصحاب الدستور- سوى القبول أو الرفض ، دون مداخلة في قيم وبناء الدستور .

-         التعديلات المثمرة للنص الدستوري تتطلب تفاعل الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ، لتكون هذه التعديلات محصلة لتفاعل هذه الأطراف على نحو ما ، قد ترجح فيه كفة طرف أو أطراف معينة على أخري ولكنها جميعا تبقى في دائرة التأثير الايجابي.

-         أن الدستور أو تعديل مواده  ليس غاية في ذاته، ولا قواعد مجردة تكتب ولا تطبق ، ولكنه جزء من نظام حكومة للشعب ، يباشر وظيفته – حين تطبق قواعده – بين إناس يعتنقون قيمه، ويتخذون مواقف يعبر عنها التشريع القائم فيهم . وإهمال ذلك يجعل الدستور منفصلا عن الجماعة ، لا تعيره التفاتا ، ولا تعني بطاعته ، أو مفروضا عليها تبغضه وتتفلت منه كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا .

-         أن تعنى التعديلات الدستورية بالعلاقات التي تحكم نظام حياة الشعب ككل متجانس ، كما تعنى بمجموعة الغايات المشتركة التي يستهدفها الشعب ككل متجانس والوسائل التي يتخذها للوصول لتلك الغايات.

-         أن تراعي التعديلات غايات الدستور وكما في النظم الديمقراطية والحكم الجيد ، مثل :

1.  تطوير مجتمع مدني حر وحيوي

2.  نظام سياسي قوي ومستقل

3.  سيادة حكم القانون واستقلال القضاء لتأمين حريات المواطنين

4.  بيروقراطية قادرة ومسئولة

5.  مجتمع اقتصادي مؤسسي

-         ضرورة رفع الغموض الذي تنطوي عليه الصياغة الفنية للنص الدستوري، بما يسمح إلى اللجوء إلى النظم القانونية المقارنة، لرفد الحياة التشريعية المصرية المعاصرة، بالأنساق الدستورية والقانونية والاجتماعية المتجددة، والذي لا يتنافى مع القيم والمعايير الأخلاقية والثقافية المصرية على اختلافها .

-         ايلاء الاعتبار لضبط وتطوير، الصياغات الخاصة بحرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية .

-         إيلاء الاعتبار للتعددية الدينية في المجتمع المصري .

-         أن تتضمن التعديلات الدستورية تقليص سلطات رئيس الجمهورية، مع العمل على منح الوزراء سلطات حقيقية مع إقرار المسئولية السياسية والجنائية .

-         تعديل النصوص الخاصة بالسلطة القضائية، والتأكيد على استقلال القضاء، وتجنب الإشارة إلى السلطة القضائية بعبارات عامة وفضفاضة، تترك سلطة تقديرية واسعة للقانون الذي تلعب السلطة التنفيذية الدور الأساسي في اقتراحه وسنه .

-         عدم النص على القضاء الاستثنائي كمحاكم أمن الدولة بين نصوص الدستور .

-    إيلاء الاعتبار لفتح النقاش العام بشأن التعديلات الدستورية وضرورة تشكيل فريق عمل من المؤمنين بضرورة الانتقال إلى الديمقراطية لمناقشة التعديلات والصياغة الفنية لها .

رؤية عامة للمركز لدستور 1971 :

        1.        تميل نصوص الدستور المصري في شكل نظام الحكم إلى النظام الرئاسي ، القائم على مبدأ الفصل شبه المطلق بين السلطات ،ومع ذلك أباحت العديد من نصوص الدستور الخروج على هذا النظام ، بأن أباحت نصوص الدستور للوزراء عضوية البرلمان ( م 134)، بما لا يفصل بين المراقب والمراقب ، كما أجازت نصوص الدستور للعاملين في الحكومة والقطاع العام الجمع بين وظائفهم والعضوية البرلمانية ( م 89) بما يسمح باندماج السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية ، بما تتوه معه حدود مسئولية السلطة التنفيذية أمام السلطة التشريعية [1]

        2.        الفلسفة القائم عليها دستور 1971 تقوم على السلطة الأبوية لرئيس الدولة ، ويبدو ذلك في النصوص التي تمنح رئيس الجمهورية العديد من السلطات ، ومن ذلك المواد ( 73-74-87/2-101-102-106-108-109-110-112-113-115-127-128-132-136-137-138-139-140-141-142-143-144-145-146-147-148-149-150-151-152-155-156-159-164-173-182-184-189-195/6-196-202-204 ).

        3.        خلا دستور الدستور المصري من آلية لتنظيم المسئولية السياسية لرئيس الجمهورية .

        4.        ضعف السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية .

        5.        تغول السلطة التنفيذية للسلطة القضائية .

        6.        وجود مسئوليات على الوزارة لا تقابلها صلاحيات أو سلطات حقيقية .

        7.        المشرع الدستوري المصري، وعند تناوله للحقوق والحريات العامة، قد فوض المشرع العادي تفويضا كاملا غير مشروط، لتنظيم ممارسة هذه الحقوق عبر استخدامه لعبارات " وفقا لأحكام القانون – في الأحوال المبينة في القانون –في حدود القانون........الخ " وهذا الأمر قد يهدد الحقوق والحريات العامة الواردة في صلب النصوص الدستورية لدرجة تصل بالمشرع العادي إلى فرض العديد من القيود على ممارسة الحقوق المكفولة بنصوص دستورية ، تنحدر بها من مدراج تنظيم الحقوق إلى درك العصف بأصل الحقوق .

        8.        بدلا من أن يقيد المشرع الدستوري للمشرع القانوني بالتأكيد على حرمة الحقوق والحريات وعدم انتهاكها أو تقييدها بغير مبرر ، فقد فعل العكس وقيد نفسه بالقانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية، وبذلك تنازل الدستور عن موقعه في الهرم التشريعي كأب للقوانين 

    9.    هذا وإن كان تفويض المشرع الدستوري للمشرع العادي معترفا به في معظم الدساتير ، بأن تقوم الدساتير بوضع قواعد عامة مجردة ، وتترك للمشرع العادي وضع القواعد القانونية التفصيلية المتعلقة بإنفاذ هذه المبادئ الدستورية وهو ما يطلق عليه " تفويض السلطة التشريعية في إصدار القوانين المكملة للدستور " ، إلا أن صياغة هذه الدساتير،  للنصوص ذات الصلة بالقيم والمفاهيم الأساسية ،  تكون من الوضوح ودقة الصياغة بشكل لا يسمح بالافتئات على هذه القيم والمفاهيم، وذلك بوضع مجموعة من الضوابط التي تحدد المدى والظروف والمقتضيات والحدود التي يجوز للسلطة التشريعية عندها فرض قيود على القيم والمفاهيم الدستورية ، وبذلك تحول هذه الصياغات بين السلطة التشريعية وقدرتها على المساس بهذه المفاهيم والقيم دون الالتزام بالمحددات الدستورية ، الأمر الذي تجاهلته نصوص الدستور المصري في هذا الشأن .

   10.   الدستور الحالي لا يحيل الكثير من الحقوق والحريات إلى القوانين واللوائح التنفيذية لوضع القواعد القانونية التفصيلية فحسب ، وإنما يحيل الكثير من هذه الحقوق إلى قوانين تحد من المبدأ الدستوري وتضع قيودا عليه ،  وفي كثير من الأحيان تأتي القوانين لتفرغ الحق الدستوري من مضمونه الأصلي .الأمر الذي يؤدي في الواقع إلى أن القانون الأدنى متمثلا في التشريع العادي يعلو على النص الدستوري بما يخالف مبدأ سمو النصوص الدستورية في سلم الهرم التشريعي .

   11.   تفويض المشرع الدستوري للسلطة التنفيذية اختصاص التشريع، مما قد يترتب عليه عدم إيلاء الاعتبار للقيم الدستورية عند صياغة التشريعات ، التي غالبا ما تحتمل عوارا دستوريا ومطاعن  بعدم دستوريتها  .

   12.    العديد من القيم والمفاهيم التي تتضمنها نصوص الدستوري المصري ، ونتيجة لصياغة هذه النصوص ، فهمت على أنها نصوص توجيهيه ، أي أنها توجه المشرع إلى ما ينبغي أن يفعله ، ولكنها لا تلزم المشرع بأن يفعل شيئا _ وقد قيل بهذا أحيانا في مذكرات الحكومة بشأن قضايا تنظرها المحكمة الدستورية العليا – الأمر الذي يتناقض مع مفهوم الوثيقة الدستورية التي تعني الإلزام لكل سلطات الدولة .

      13.      أن العديد من نصوص الدستور المصري تحتمل أكثر من تفسير وليست نصوصا قطعية الدلالة.

      14.      عدم ايلاء الاعتبار لمبدأ الفصل بين السلطات .

      15.      أن هناك فجوة كبيرة بين ديباجة الدستور المصري ونصوصه .

 
 

                                                                                                                         رجوع