ما صدر عن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور صادم ولا يرتقى لمصاف النصوص الدستورية الحامية للحقوق والحريات
القاهرة فى 11 نوفمبر 2012
ما صدر عن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور صادم
ولا يرتقى لمصاف النصوص الدستورية الحامية للحقوق والحريات
يعرب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة عن قلقه البالغ بشأن ما تضمنته مسودة الدستور المصري والتى تم الاعلان عنها ونشرها بتاريخ الأحد 11/11/2012
وتثور لدى المركز العديد من بواعث القلق ، بشأن توفير نصوص مسودة الدستور المشار اليها، لحماية دستورية فعلية والالتزام باتخاذ تدابير تشريعية وادارية وقضائية لكفالة حماية هذه الحقوق وضمان الممارسة العملية لهذه الحقوق والحريات.
حيث يتبين من الاطلاع على النصوص والأحكام ذات الصلة بالحقوق والحريات الواردة في مسودة الدستور ، أن العديد من هذه النصوص ، ونتيجة للصياغة الفضفاضة لها ، تفهم على أنها نصوص توجيهيه ، لاتلزم المشرع العادى بأن يفعل شيئا ، الأمر الذي يجعل هذه الحقوق الواردة في هذه النصوص فارغة المضمون ، مفتقرة لأى تدابير تشريعية أو قضائية أو ادارية لحمايتها وكفالة ممارستها ، كاستخدامه تعبيرات " مصونة – مكفولة " بديلا عن التعبيرات ذات الصلة بحماية الحقوق واتخاذ تدابير لكفالة ممارستها .الأمر الذي يتناقض مع مفهوم الوثيقة الدستورية التي تعني الإلزام لكل سلطات الدولة .
كما يزداد قلق المركز حين تعلق مسودة الدستور ، فى عجز المادة 75 منها، ممارسة كل الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثانى من مسودة الدستور ، بعدم تعارضها مع الأحكام الأساسية للدولة والمجتمع الواردة في الدستور ، وهى الأحكام الواردة في الباب الأول والتى صيغت نصوصها بعبارات يغلب عليها الطابع الانشائي والصياغة الفضفاضة غير المحددة ، الأمر الذي يمثل تهديدا خطيرا لكل الحقوق والحريات الواردة في الباب الثانى من مسودة الدستور ، متمثلا في ترك سلطة تقديرية واسعة للمشرع العادى لفرض قيود على ممارسة الحقوق والحريات العامة وتضيق نطاق ممارسة هذه الحقوق .
كما يشير المركز الى وجود العديد من التناقض بين مواد مسودة الدستور بعضها البعض في مجملها ، بل يزداد التناقض ليصل الى أحكام المادة الواحدة ، كما في المادة 50 على سبيل المثال التى تنص على حرية إنشاء النقابات المهنية ، ثم يأتى عجز المادة ليقرر أنه لا تنشأ سوى نقابة مهنية واحدة لكل مهنة .
ويعرب المركز عن دهشته من تصدى مواد الدستور للعديد من الأحكام التى ، لا ترتقى لمصاف النصوص الدستورية ، ولا حتى التشريعات العادية ، وإن كانت من حيث صياغتعا وأحكامها تتشابه الى كبير مع اللوائح التنفيذية للقوانين والتشريعات العادية ، ومن ذلك على سبيل المثال ما تناولته المادة 52 من مسودة الدستور بشأن مشاركة المواطنين في الحياة العامة ، حيث تناولت أحكام النص المشار اليه للعديد من التفصيلات التى لا تتناسب مع الصياغة الفنية للنصوص الدستورية ، والتى محلها اللوائح التنفيذية للتشريعات والقوانين العادية كما سبقت الاشارة .
كذلك ومما يزيد من دهشة المركز أن تتولى نصوص مسودة الدستور التصدى لاشكاليات مرحلية تواجهها الحكومة ، كالقضاء على الأمية الواردة في نص المادة 56 من المسودة ، وليس هذا محل النصوص الدستورية ، وإلاكانت هناك ضرورة لنصوص تتصدى لكل الاشكاليات المتمثلة في الأمن والمرور والبنية التحتية والاسكان وغير ذلك .
كما خلت مسودة الدستور من تلك النصوص والأحكام التى تشير الى تجريم الجرائم ضد الانسانية وعدم تقادمها ، وهى الجرائم التى قد ترتكبها الأنظمة ذاتها بحق شعوبها ، إضافة الى تجاهل مسودة الدستور لاحترام المواثيق والتعهدات ذات الصلة بحماية حقوق الانسان ، وتجاهل وضعيتها في سلم الهرم التشريعى الداخلى .
كما يرى المركز أن مسودة الدستور تتبنى نفس الفلسفة والنهج لدستور 1971 من حيث تفويض المشرع العادى تفويضا كاملا غير مشروط ، لتنظيم ممارسة هذه الحقوق عبر استخدامه لعبارات " وفقا لأحكام القانون – فى الأحوال المبينة فى القانون – فى حدود القانون ….. الخ " وهذا الأمر قد يهدد الحقوق والحريات العامة الواردة فى صلب النصوص الدستورية لدرجة تصل بالمشرع العادى إلى فرض العديد من القيود على ممارسة الحقوق المكفولة بنصوص دستورية ، تنحدر بها من مدراج تنظيم الحقوق إلى درك العصف بأصل الحقوق.وبدلا من أن يقيد المشرع الدستورى للمشرع القانونى بالتأكيد على حرمة الحقوق والحريات وعدم انتهاكها أو تقييدها بغير مبرر ، فقد فعل العكس وقيد نفسه بالقانون الذى يصدر عن السلطة التشريعية ، وبذلك تنازل الدستور في هذه المسودة عن موقعه فى الهرم التشريعى كأب للقوانين ، جاعلة القانون الأدنى متمثلا في التشريع العادي يعلو على النص الدستوري بما يخالف مبدأ سمو النصوص الدستورية في سلم الهرم التشريعي.
ويرى المركز أن الجمعية التأسيسية ، حين تعرضها لصياغة المواد والأحكام ذات الصلة بالسلطة القضائية عموما ، وبالمحكمة الدستورية العليا خصوصا ، لم تولى المبادئ والمعايير والمواثيق الدولية ذات الصلة باستقلال القضاء أى اعتبار ، فجاءت صياغة المواد والأحكام المنظمة للسلطة القضائية فارغة من الضوابط والمعايير الضامنة والحامية لاستقلال القضاء .
ويشير المركز الى أن مسودة الدستور ذات الصلة بالمحكمة الدستورية العليا ، جاءت في صياغتها وأحكامها صادمة و عاصفة بوجود وحدود دور المحكمة الدستورية العليا، حيث جعلت لرئيس الجمهورية الحق في تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا ، على خلاف ما كان يجرى من اختصاص الجمعية العمومية للمحكمة بتعيين اعضائها ، وتزايد المطالب باختصاصها بتعيين رئيس المحكمة كذلك ، فإذا بالمسودة تأتى خلاف ذلك وتضيف لرئيس الجمهورية جانب اختصاصه بتعيين رئيس المحكمة سلطة تعيين أعضاء المحكمة .
ويزداد قلق المركز سيما إذا تبين من مطالعة نص المادة 184 أن مسودة الدستور تعصف بالآلية القضائية المنوط بها حماية الدستور ذاته ، وتقلص اختصاصاتها وتحجم دورها في حماية الدستور ومراقبة اتفاق التشريعات لنصوص واحكام وقيم ومفاهيم الدستور وذلك لما تفصح عنه المادة 184 التى تحصن القوانين الانتخابية من الرقابة اللاحقة على دستوريتها ، في سابقة تعيد الى الأذهان نص المادة 76 من دستور 1971 سيئة السمعة ، التى حصنت قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من الطعن عليها ، وتجعل مسودة الدستور لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية في إحالة القوانين ذات الصلة بالانتخابات البرلمانية أو المحلية للمحكمة الدستورية العليا لتمارس بشأنها رقابة سابقة ، الأمر الذي لا يخل إخلالا جسيما بدور المحكمة الدستورية في الرقابة الدستورية على القوانين فحسب ، بل يخل بمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص .
ويخشي المركز أن يكون ثمة تربص و توجه للعصف بالمحكمة الدستورية العليا ، ومحاولات لتحجيم دورها .

27/11/2024
|
السلطات المصرية ترفع إسم ناصر أمين من قوائم الممنوعين من السفر وتبقى على إسم ... |
21/11/2024
|
الحلقة النقاشية المحاكمات عن بعد بين المشروعية والتنظيم |
17/11/2024
|
سلطة الضبط القضائي في مشروع قانون الإجراءات الجنائية |
27/10/2024
|
المنع من التصرف في الأموال فى مشروع قانون الاجراءات الجنائية |
09/10/2024
|
الاعتداء على حق التنقل والسفر في مشروع قانون الإجراءات الجنائية |
