القاهرة في 6 أغسطس 2008
مصر
بواعث قلق
استخدام القضاء المصري لتصفية الخصوم والمعارضين
والناشطين
يعرب المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة عن قلقه
الشديد ، من المحاولات المتكررة التي تشهدها مصر منذ بدايات العام 2007
لاستخدام القضاء المصري في تصفية وملاحقة الخصوم السياسيين و الناشطين
.
وتزداد بواعث القلق من أن هذه المحاولات وإن استهدفت
الناشطين والمعارضين السياسيين إلا أنها تؤدى إلى خلق مناخ عام يضع
القضاء المصري - من قبل عموم المواطنين أحيانا ومن قبل المثقفين
والناشطين أحيانا أخرى- في موضع لا يتفق ومبادئ استقلال ونزاهة العدالة
، ويخل بالثقة العامة في القضاء المصري .
وما يثير بواعث قلق المركز ، اضطراد استخدام القضاء
المصري لتصفية وملاحقة الخصوم السياسيين والناشطين ، بعد أن كان هذا
الأمر قد توقف من العام 1996 وهو تاريخ تعديل المادة الثالثة من قانون
المرافعات المصري الذي خص النيابة العامة وأصحاب المصلحة فقط في تحريك
الدعاوى ، مسقطاً بذلك ما كان يسمى بدعاوى " الحسبة ".
وقد جاء هذا التعديل على إثر شيوع استخدام الجماعات
الإسلامية لهذه الدعاوى ضد العديد من أصحاب الفكر كما في قضية نصر
حامد ابو زيد وقضية منع عرض فيلم المهاجر ، وقد جاء هذا التعديل
التشريعي من الدولة لحماية أصحاب الفكر من التعسف في استخدام دعاوى
الحسبة .
ومنذ العام 1996 لم تشهد مصر زجا بالقضاء الطبيعي في
الصراعات الفكرية وفي تصفية الخصوم والمعارضين وأصحاب الفكر ، حتى بدأ
هذا الاستخدام في العام 2007 بقضايا ضد الصحفي إبراهيم عيسى في القضية
المعروفة إعلاميا بقضية " شائعة صحة الرئيس " ثم القضية ضد 4 رؤساء
تحرير لصحف مصرية مستقلة .
وتوالت الدعاوى من غير أصحاب الصفة وبالمخالفة لنص
المادة الثالثة من قانون المرافعات لتطال السيد / سعد الدين إبراهيم
تحت زعم إضعاف هيبة مصر ، ثم دعوى أخري لإسقاط الجنسية عن السيد / سعد
الدين إبراهيم .
ويرى المركز أنه إذا كانت مثل هذه الدعاوى التي سبق
استخدامها في العام 1995 من أشخاص ينتمون للجماعات الإسلامية ، قد شكل
قلقاً لدى المجتمع المصري مما دفع الدولة لتعديل نص المادة الثالثة من
قانون المرافعات السالف الإشارة إليها ، إلا أن ما يزيد من القلق أن
يتم تحريك مثل هذه الدعاوى في هذه الآونة من أفراد ينتمون للحزب الحاكم
، بما يضع ظلالا كثيفة من الشك حول وقوف الحكومة المصرية وراء مثل هذه
الدعاوى بما يمثل تراجعا واضحا في مجال حماية الحقوق والحريات العامة .
ويؤكد المركز أن مثل هذه الدعاوى التي يمارسها أشخاص
على علاقة وثيقة بالحكومة المصرية ، سوف تفتح باب الاعتداء على الحقوق
والحريات العامة في مصر ، لدرجة قد تطال رجال الدولة أنفسهم وعبر ذات
الطريقة .
إن المركز يرى أن تواتر استخدام القضاء لحسم المعارك
السياسية والصراعات الفكرية بالمخالفة لنص المادة الثالثة من قانون
المرافعات المصري يستدعى أن يتوقف مجلس القضاء الأعلى المصري لبحث هذا
الأمر حفاظا على استقلال ونزاهة القضاء المصري .
كما يناشد المركز أن ينأى القضاء المصري بنفسه عن معترك
هذه الصراعات السياسية بين الحكومة وخصومها وأن يولى الاعتبار لقيم
القانون والحق واستقلال القضاء كضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات
ودعم دولة القانون.
|