مؤتمرات |
مؤتمرات محلية |
حملة ( تمكين المرأة من تولي الوظائف القضائية في مصر )
وفد المفوضية الأوربية في مصر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة The Arab Center for the Independence of Delegation of European Commission in Egypt the Judiciary and the Legal Profession
التمييز القائم على أساس الجنس بشأن التعيين في الهيئات القضائية … مسئولية من؟ ورقة عمل المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماةمقدمة : بداية تجدر الإشارة إلى أن طرح موضوع تولي المرأة في مصر لمنصب القضاء في مصر ليس بالموضوع الجديد ، وقد تم طرحه أمام ساحات القضاء منذ العام 1952 أي حوالي ما يربو على نصف قرن من الزمان . وقد كان للحيلولة بين المرأة وتولي القضاء العديد من الأسباب التي أعزى إليها المانعون هذا المنع، وكانت في معظمها تدور حول أن الوقت لم يحن بعد ، وأن المرأة المصرية لم تبلغ بعد درجة الوعي التعليمي والثقافي ، وأن هناك عادات وموروثات اجتماعية يجب وضعها في الحسبان عند طرح هذا الأمر الذي كان يبدو - وقتها- خروجا على عادات المجتمع المصري . ورغم تبني الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لقضايا المرأة ، وتزايد هذا الاهتمام في هذه الآونة ، إلا أن قوى مناهضة للمرأة تحت عباءات ذات مسميات مختلفة لا زالت تناهض المرأة في هذا الحق ، محاولة إجهاض مكتسباتها خلال القرنين الأخيرين . وقد أعزى كذلك الممانعون إلى الشريعة الإسلامية السمحاء هذا المنع ، على الرغم أن الأمر محل خلاف بين فقهاء الشريعة الإسلامية ، وقد أنكر القضاء المصري على هؤلاء الممانعين الاستناد إلى الشريعة في تبرير موقفهم الرافض . ولم يمنع الدستور المصري ولا قوانين السلطة القضائية المرأة من تولي القضاء ، ولم يرد في أي من قوانين السلطة القضائية ثمة نص يشترط الذكورة فيمن يرشح لشغل المناصب القضائية . ومنذ العام 1952 لا زالت المرأة في مصر ممنوعة من تولي القضاء ( العادي والإداري) ، ولا زالت الإدارة تمنعها من تولي القضاء ، مع إقرار القضاء الإدارة في حقها في استخدام سلطة الإدارة التقديرية في منع المرأة من تولي القضاء. ولا زالت الإدارة تشير إلى أن الوقت لم يحن بعد ، لتتولى المرأة في مصر المناصب القضائية ، وأن الإدارة تراعي في ذلك الظروف الاجتماعية وظروف البيئة المحيطة في هذا المنع . وعلى الجانب الآخر تقوم الحكومة بتعيين المرأة في النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ، والأكثر بأن قامت بتعيين المرأة قاضيا بالمحكمة الدستورية العليا في العام 2002 . ولكن تجدر الإشارة إلى أن تطورا هائلا في المجتمع المصري لا ينكر أحدا وقوعه قد شهدته مصر. وأن تقدما في مجال تعليم وتثقيف المرأة واكتمال أهليتها الثقافية والسياسية قد تم بدرجة تولت معه المرأة العديد من المناصب والوزارات والتمثيل النيابي في المجالس التشريعية . وأصبح الاستناد إلى هذه المبررات في غير محله الآن ، لكن لا تزال المرأة ممنوعة من تولي القضاء لأسباب غير معروفة وغير متفق على المعروف منها . ولعل أحدث استطلاع للرأي أجرته وحدة قياس الرأي العام بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قد يشير إلى هذا التقدم في الموروثات والعادات الاجتماعية حيث جاء في هذا القياس أن 61.1% من العينة المشاركة في الاستطلاع يؤيدون تولي المرأة منصب رئيس الجمهورية في حين رأي 34.4% أنها غير مؤهلة لتولي هذا المنصب بينما رفض 4.5% من الخبراء الإجابة عن هذا السؤال. وكشف الاستطلاع أن 64.3% طالبوا بعدم منع المرأة من تولي مناصب بعينها ولابد من الاعتماد على الكفاءة لا الجنس في حين رأي 36.7% عدم تولي المرأة لبعض المناصب في القضاء و 9% يرى تولي المرأة للمناصب القيادية بشكل عام. وأيد 82.2% من العينة فكرة تولي المرأة لمنصب رئيس الوزراء في حين رفض 17.7% من العينة هذه الفكرة ورأى 81.1% أن المرأة تصلح لمنصب المحافظ بينما رأى 6.5% أن المرأة لا تصلح لأي عمل.! ونحاول أن نقرأ المواقف المختلفة وبعد مرور نصف قرن ، لعل تغيرا قد حدث في هذه المواقف . الموقف منذ العام 1952 يقرر مسئولية الإدارة ( الحكومة ): في العام 1952 عندما تقدمت الأستاذة الدكتورة عائشة راتب أستاذ القانون الدولي ووزيرة الشئون الاجتماعية السابقة وقت حصولها على ليسانس الحقوق بطلب تعيينها في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة رفضت الحكومة تعيينها . وعند اللجوء إلى القضاء أقر مجلس الدولة المصري موقف الحكومة في هذا الوقت وذلك في الدعوى رقم 33والصادر الحكم فيها بتاريخ 20/2/1952 . وذكرت المحكمة أن قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة والنيابة أو القضاء على الرجال دون النساء ليس قصر من مستواها الأدبي أو الثقافي ولا غمط لنبوغها وتفوقها ولا إجحاف بها وإنما هو مجرد تمييز الإدارة في مجال تترخص فيه لملائمة التعيين في وظيفة بذاتها بحسب ظروف الحال وملابساتها كما قدرته هي . إذن هي الإدارة التي تحول بين المرأة وتولي القضاء لملابسات وظروف تقدرها ثم تولى قضاء مجلس الدولة تفنيد الحجج التي تمنع المرأة من تولي القضاء ، وانتهى أن هذه الحجج لا يصح الاستناد إليها ، ثم عاد في ذات الحكم الذي فند فيه هذه الحجج ليقر الإدارة في منعها المرأة من تولي القضاء !! وقد جاء هذا الموقف الذي قد يبدو موقفا متناقضا في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتاريخ 23/12/1953 في القضية رقم 243لسنة 6ق وقد أعلت المحكمة من شأن المرأة حين ذكرت : " ….وقد ظهرت صلاحية المرأة في العصر الذي نحن فيه لمناصب وأعمال كثيرة منها الطب والتمريض والتعليم وكثير من الأعمال بوزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الأوقاف ووظائف النيابة الحسبية والشهر العقاري . بل أن المرأة تؤثر على الرجل في بعض هذه الأعمال لما تتميز به من صفات خاصة وإيثارها على الرجل في هذه النواحي من النشاط لا يعد إخلالا بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة . ثم عاد القضاء في هذا الحكم ليضع المسئولية على عاتق الإدارة والموروثات الاجتماعية فرددت المحكمة " ولكن يكون للإدارة أن تقدر في غير تعسف ما إذا كان الوقت لم يحن بسبب بعض الاعتبارات الاجتماعية إلى أن تتولى المرأة بعض المناصب العامة والإدارة ، وهي في ذلك تترخص بمقتضى سلطتها التقديرية في وزن الملابسات التي تحيط بهذه الأعمال مستهدية في ذلك بظروف البيئة وما التقاليد من أوضاع وحدود ، ولا معقب على الإدارة في هذا التقدير ما دامت تلتزم فيه وبه المصلحة العامة ". القضاء يؤكد أن المنع لا يجب أن يكون أبديا في ذات الحكم وذات الوقت والتاريخ 1953 ذكرت محكمة القضاء الإداري :" انه مهما يكن من أمر تصرف الإدارة في هذه الدعوى فلا ينبغي أن يستخلص من هذا التصرف أن الإدارة قد أقرت قاعدة عامة مطلقة تقضي بأن المرأة المصرية لا تصلح في كل زمان لتولي مناصب القضاء ووظائف النيابة العامة وإدارة القضايا كقاعدة عامة مطلقة على هذا النحو ، لا يجوز تأسيسا على ما تقدم التسليم بها ". موقف الشريعة الإسلامية : في ذات الحكم المشار إليه والتاريخ ذكرت محكمة القضاء الإداري :" …كما لا يجوز الاحتجاج للقول بغير ذلك _ أي عدم جواز تولي المرأة القضاء - بأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء ، لأن الفقه الإسلامي لا يمنع من تقلد المرأة مناصب القضاء متى كانت صالحة لذلك وقد جاء في البدائع للكاساني ( جزء 7 ص 3 ) تعداد لشرائط الصلاحية لتقلد القضاء ولم يرد من بينها شرط يقضي بأن يكون القاضي رجلا ، بل ورد العكس من ذلك إذ يقول صاحب البدائع ( وأما الذكورة فليست من شرط التقلد في الجملة لأن المرأة من أهل الشهادات في الجملة ) من المسئول إذن وقتها ؟!! الجواب الوقت والإدارة : بذات الحكم والتاريخ 1953 ذكرت المحكمة أن :" الإدارة وقد قدرت في هذه الدعوى أن الوقت لم يحن لتتولى المرأة منصبا في إدارة قضايا الدولة أو في النيابة العامة ولم يثبت للمحكمة أن هذا التقدير قد شابه تعسف أو انحراف فلا معقب لها عليه ومن ثم يتعين رفض طلب المدعية ". …وبعد مرور حوالي ربع قرن من الزمان : يقر قضاء مجلس الدولة مجددا أن الشريعة لا تحول بين المرأة وتولي القضاء ، وأن المجتمع المصري وصل لدرجة لا يصح الاستناد فيها إلى أعراف وتقاليد تحول بين المرأة وحقها ، ولكنه أقر في نهاية الحكم حق الإدارة في منع المرأة من تولي القضاء وفقا لسلطة الإدارة التقديرية . وكان هذا الموقف بمناسبة حصول موظفة بمجلس الدولة ( الأستاذة هانم محمد حسن ) على دبلومتي الدراسات العليا من كلية الحقوق وتقدمه بطلب إلى رئيس مجلس الدولة لتعيينها بوظيفة مندوب ، إلا أن جهة الإدارة رفضت طلبها استنادا إلى الرأي الفقهي الذي لا يجيز تقلد المرأة منصب القضاء . وبالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1217لسنة 20ق قضت المحكمة بجلسة 2/6/1979 برفض الطعن وتأييد حكم محكمة القضاء الإداري وأوردت في حيثيات حكمها: "…..ومن حيث أنه يبين من أوراق المنازعة ووقائعها وملابساتها أن العناصر التي بنت عليها الجهة الإدارية تقديرها بعدم ملائمة تعيين الطاعنة في منصب القضاء إذا ما ردت إلى أصولها الموجودة في البيئة المصرية فإنه تتجسد في أصلين أساسيين : أولهما : العرف المتمثل في نظرة المجتمع إلى المرأة على أنها أدنى مستوى وأقل شأنا من الرجل سواء بسبب طبيعة تكوينها الخلقي أم بسبب تخلفها عن الرجل في مدارج العلم والثقافة . وثانيهما :الفهم الشائع لأحكام الشريعة الإسلامية على أنها لا تجيز تقليد المرأة الولايات العامة على إطلاق منها وفيها ولاية القضاء . ومن حيث أنه فيما يتعلق بالعرف ، فإن المحكمة إذ تؤكد ما حكم به القضاء الإداري منذ سنة 1952 من رفض التسليم بوجود قاعدة عامة مطلقة تقضي بعدم صلاحية المرأة المصرية في كل زمان ومكان لتولي منصب القضاء ، فإنها في الوقت ذاته تستخلص من تواتر الدساتير والتشريعات الوضعية في مصر منذ نيف وربع قرن على فتح الباب أمام المرأة لتقلد أعلى المناصب والوظائف ذات الولايات العامة في السلطتين التشريعية والتنفيذية وشغل غيرها من الوظائف العامة ، ومنها الوظائف الفنية في بعض الهيئات القضائية ، ومن اضطلاع المرأة بالفعل بأعباء هذه المناصب وتلك الوظائف وتحمل مسئوليتها بعد أن كانت مقصورة من قبل على الرجال ، إذ أن قواعد العرف في المجتمع المصري قد تطورت في مجال الاعتراف للمرأة بتقلد الوظائف العامة والمناصب بما لا يسوغ معه بعد ذلك الاستناد إلى العرف والتقاليد وظروف البيئة وأحوال الوظائف لحرمان المرأة من تقلد منصب ، وليس أدل على هذا التطور في نطاق المنازعة المعروضة من أن مجلس الدولة قد رشح الطاعنة للتعيين في وظيفة مندوب سنة 1973 بعد أن كان قد رفض الترشيح قبل ذلك بعامين في سنة 1971 . ومن حيث أنه ولئن كانت المحكمة تقر الطاعنة على عدم ملاءمة الاستناد الى العرف وما يتصل به للأسباب السالف بيانها فضلا عن تلك التي ساقتها الطاعنة في معرض دفاعها ، إلا أنه لما كان الدستور يقضي في المادة (2) منه بأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، كما تقضي المادة (11) منه بأن تكفل الدولة مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية ، وكان قانون مجلس الدولة ، وإن ام يتضمن نصا بوجوب مساواتها بالرجل في شغل هذه الوظائف ، ولما كان ذلك ، وكان من مذاهب الفقه الإسلامي - فيما يتعلق بولاية القضاء على التحديد - ما لا يجيز تقليد المرأة القضاء ، ومنها ما يجيز تقليدها ، ولكل من الرأيين حججه وأسانيده ، فإنه يجوز للجهة الادارية والحال كذلك وهي بصدد إعمال سلطتها التقديرية في هذا النطاق أن تترخص في الأخذ بأي من الرأيين المذكورين بما تراه أكثر ملائمة لظروف الحال في الزمن الذي أصدرت قرارها فيه …." إذن القضاء في هذا الحكم يقر بالتطورات المجتمعية التي يشهدها المجتمع المصري ولا تقر الإدارة هذه التطورات ! وتجدر ملاحظة أن أحكام مجلس الدولة استقرت على عدم استثناء قرارات الإدارة من الرقابة القضائية إلا ما يتعلق منها بأعمال السيادة ، إلا أن الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة في شأن تولي المرأة منصب القضاء وإن أقرت بعدم ملائمة الاستناد إلى العادات والأعراف الاجتماعية ، وأن الشريعة لا تمنع المرأة -في أحد الأحكام -وفي الثاني أقرت بوجود من يمنع ومن يبيح من الفقهاء إلا أن الحكمين خرجا عن الدور الطبيعي للقاضي الإداري الذي مناطه أنه قاضي للمشروعية وليس قاضيا للملائمة ، فإما أن تعيين المرأة أو عدم تعيينها مخالف للقانون أو الدستور من عدمه هذا هو ما كان يجب أن ينصب عليه الحكمين ، وأن الحكمين أسهبا في تبرير تصرف الإدارة بمجال الملائمة .[1] من هي الإدارة المنوط بها التعيين التي تشير إليها الأحكام القضائية ؟ هل رئيس الجمهورية ؟ هل وزارة العدل ؟هل رؤساء الهيئات القضائية ولجان المقابلات ؟ على الرغم من كون رئيس الجمهورية هو الذي يصدر قرارات التعيين في الهيئات القضائية إلا أن الواقع العملي في هذا الأمر أن الجهات القضائية المتقدم إليها المرشحون لشغل المناصب والوظائف القضائية تقوم بدور جهة الإدارة في هذا الشأن حيث أنها هي التي تقوم بتشكيل لجان لمقابلة المرشحين ثم ترسل قائمة بالمرشحين لرئاسة الجمهورية لتوقيع وإصدار القرار الجمهوري بتعيينهم . موقف التشريعات الوطنية : تنص المادة 40 من الدستور الدائم لسنة 1971 على أن " المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ". لا يحتاج النص الدستوري إلى أي تعليق ، إذن ربما تكون التشريعات المنظمة للعمل القضائي تمنع تولي المرأة للقضاء ! تجيب القراءة السريعة للقوانين المنظمة للعمل القضائي ( قانون السلطة القضائية رقم 46لسنة 1972 - قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنة 1979)على هذا التساؤل : أولا : قانون السلطة القضائية المصري رقم46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 35 لسنة ينص في المادة 38 منه علي أنه :" يشترط فيمن يولي القضاء : 1. أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية وكامل الأهلية المدنية 2. ألا تقل سنه عن ثلاثين سنة إذا كان التعيين بالمحاكم الابتدائية وعن ثمان وثلاثين سنة إذا كان التعيين بمحاكم الاستئناف وعن ثلاث وأربعين سنة إذا كان التعيين بمحكمة النقض [2]. 3. أن يكون حاصلا علي إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مصر العربية أو علي شهادة أجنبية معادلة لها وأن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان المعادلة طبقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك . 4. ألا يكون حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان رد إليه اعتباره . 5. أن يكون محمود السيرة حسن السمعة . ثانيا : قانون المحكمة الدستورية العليا : أوضحت المادة 4 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية شروط تعيين القاضي بالمحكمة الدستورية العليا وهي : أ. أن تتوافر فيه الشروط العامة لولاية القضاء طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية ، وألا تقل سنه عن 45 سنة ، ويختار من الفئات التالية : 1. أعضاء المحكمة العليا الذين كانوا بالخدمة وقت صدور القانون المذكور . 2. أعضاء الهيئات القضائية الحاليون والسابقون ممن أمضوا في وظيفة مستشار أو ما يعادلها 5 سنوات متصلة على الأقل . 3. أساتذة القانون الحاليون والسابقون بالجامعات المصرية ممن أمضوا في وظيفة أستاذ 8 سنوات متصلة على الأقل . 4. المحامون الذين اشتغلوا أمام محكمتي النقض والإدارية العليا لمدة عشر سنوات متصلة على الأقل. ثالثا : قانون مجلس الدولة : حددت المادة 73 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 شروط التعيين بمجلس الدولة على النحو التالي : 1. أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة . 2. أن يكون حاصلا على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر العربية أو على شهادة أجنبية معادلة لها ، شريطة أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان المعادلة طبقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك . 3. أن يكون محمود السيرة حسن السمعة . 4. ألا يكون حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان رد إليه اعتباره . 5. أن يكون حاصلا على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا أحدهما في العلوم الادارية أو القانون العام إذا كان التعيين في وظيفة مندوب . 6. ألا يكون متزوجا بأجنبية ، ومع ذلك يجوز بإذن من رئيس الجمهورية الإعفاء من هذا الشرط بمن تنتمي جنسيتها إلى أحد الدول العربية . إذن هي طبيعة العمل القضائي ذاته : في مقاله المنشور بمجلة القضاء عدد يونيو- ديسمبر 2002 يقول المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة ورئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع الأسبق ، في معرض حديثه عن المنهج الصحيح لحسم الخلاف في هذه القضية " … استبدل في الغالبية العظمى من تشكيلات المحاكم ، استبدل بنظام القاضي الفرد ، نظام القضاة المتعددين ، ثلاثة أو خمسة أو أكثر ، يشتركون في نظر المنازعة الواحدة وإصدار القرار بشأنها . ولم يعد لقاض فرد صلاحية الحكم وحيدا إلا فيما يئول شأنه وكفه أمره من المنازعات . كما استبدل بدرجة القضاء الوحيدة نظام تعدد درجات التقاضي ، بحيث يجوز استئناف الدعاوى والأحكام أمام محكمة أعلى . ومن ثم صار القاضي الواحد مجرد مشارك في الحكم بين زملائه في المحكمة ، وحكمه خاضع للمراجعة من المحاكم الأعلى ، فلا يصير نهائيا واجب النفاذ إلا بتأييده من المحكمة الأعلى أو برضاء المحكوم عليه وعدم طعنه عليه ، ويستطرد المستشار البشري أن قاضي اليوم مقيد في إجراءات نظره الدعاوى وفي إنفاذ الأحكام فيها مقيد قانونا بمجموعة ضخمة من القوانين التي تنظم إجراءاته وترسم له مسلكه في النظر والتقرير وتحدد له الأحكام التفصيلية التي يلتزمها في نظر الموضوع واثبات وقائعه وتبين أوضاع المتنازعين وحقوقهم وهذه كلها تصدر بها قوانين من سلطات التشريع. والقاضي فوق ذلك مقيد من الناحية العملية بسوابق ما استقرت عليها الأحكام من درجات التقاضي الأعلى …. ومن ثم فإن اختلاف الوظيفة القضائية الآن على هذا النحو يمكن به النظر في اختلاف الشروط ( يقصد شرط الذكورة ) . الموقف المجتمعي الحالي من القضية بعد مرور ما يزيد عن نصف قرن : ربما يشير استطلاع الرأي الوارد في صدر هذه الورقة ، إلى أن تغيرا هائلا في الموروثات الاجتماعية ، قد تم بطريقة تتخطى أن نعزي إلى العادات والتقاليد الاجتماعية الموقف الرافض لتعيين المرأة بالقضاء ، وترسيخ التفرقة القائمة على الجنس بشأن التعيين في القضاء ، ولربما يؤكد الواقع الحالي أن ثمة تقدما في هذا الشأن قد حدث ، كما تؤكد هذا التطور الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن . أم ترى أن هذا التطور لم يحدث بعد ؟؟!! الموقف الحالي للحكومة ( الإدارة ) بعد مرور ما يزيد عن نصف قرن : بعد صدور قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 وقانون هيئة قضايا الدولة ، وتعيين المرأة في هاتين الهيئتين وبلوغها شأنا وظيفيا متميزا لدرجة وصلت معها إلى أن اعتلت قمتها وعينت بقرار جمهوري رئيسة لهيئة النيابة الإدارية . ثم خطت الإرادة السياسية خطوة تحسب لصالحها في هذه القضية حين أصدرت قرارها بتعيين المحامية تهاني الجبالي قاضيا بالمحكمة الدستورية العليا ، وذلك في العام 2002 ، ثم توقفت الحكومة عند هذا الحد . موقف القضاء العادي رفعت دعوى أمام القضاء الإداري بإلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن تعيين الطالبة في النيابة العامة ، وحكمت المحكمة وقتها بعدم الاختصاص . ثم وصل الأمر الى مجلس القضاء الأعلى وظلت الأوراق حبيسة الأدراج حتى الوقت الحالي . وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن هناك 11 دولة عربية ، و 39 دولة إسلامية لا تحول بين المرأة وتولي القضاء ، فمنذ ما يقرب من نصف قرن عينت المرأة في منصب القاضي في المغرب في أول فبراير سنة 1961 ، كذلك شغلت المرأة الجزائرية منصب القضاء في سنة 1963 ، ووصلت الى مستشار بالمحكمة العليا ، وكذلك رئيس لمجلس الدولة ، كما بلغ عدد المستشارات بالمحكمة العليا الى 18 مستشارة من بين 141 مستشارا من بينهن ستة رؤساء غرف ، وتصل نسبة القاضيات في الجزائر الى 43% من مجموع عدد القضاة ،ومن المنتظر أن تصل النسبة في العام 2006 الى 60% وفي سوريا دخلت المرأة القضاء في العام 1975 ووصلت الى منصب النائب العام و أصبحت نسبة القاضيات 15% من عدد القضاة ، وفي سنة 1965 اعتلت أول امرأة سودانية منصة القضاء ووصلت نسبة القاضيات في السودان 5.7% من مجموع القضاة وفقا لإحصائية تمت في سبتمبر 2002 ، وفي لبنان دخلت المرأة سلك القضاء في العام 1967 و أصبحت نسبة القاضيات سنة 2002 27% ووصلت الى درجة مستشار بمحكمة التمييز ( النقض ) ودرجة محام عام أما ذات المحكمة ، وفي تونس اعتلت المرأة منصة القضاء سنة 1968 وبلغت نسبة القاضيات 25% من مجموع عدد القضاة ، وأصبحت رئيسة دائرة بمحكمة التعقيب ( النقض) ،وفي اليمن عملت المرأة كقاضية منذ العام 1991 ، كما شغلت مصب القاضي في الأردن منذ عام 1996 . موقف الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق ذات الصلة : بداية حرص ميثاق الأمم المتحدة الذي وضع في 26 يونيو1945في مادتيه الثالثة عشر والخامسة والخمسين على عدم التفرقة القائمة على أساس الجنس حيث نصت المادة 13 من الميثاق على أن " تنشئ الجمعية العامة دراسات وتشير بتوصيات بقصد الإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس بلا تمييز في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفرقة بين الرجال والنساء ". كما تضمنت المادة 55 أنه " رغبة في تهيئة شروط الاستقرار والرفاهية الضرورية لقيام علاقات سلمية وودية بين الأمم …..تعمل الأمم المتحدة على أن ينتشر في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بين الرجال والنساء ". الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة وصدر عنها في 10 ديسمبر 1948 في المادة 21 منه صراحة على مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة حيث جاء في هذه المادة " لكل شخص حق المساواة في القبول بالوظيفة العامة في الدولة التي ينتمي إليها ". العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية [3]: أقر العهد في المادة 2 منه مبدأ المساواة بصفة عامة حين نصت المادة المذكورة على أنه " تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه ، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها ، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون ، أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي ، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب ". ثم أكد العهد في المادة 25 منه على حق المساواة في تولي الوظائف العامة حيث نصت هذه المادة على أن " يكون لكل مواطن ، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة 2 الحقوق التالية ، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة : أ.……ب…ج أن تتاح له ، على قدم المساواة عموما مع سواه فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده . العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:[4] رددت المادة 2/2 من هذا العهد ذات المعنى الوارد في الإعلان العالمي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ونص في المادة الثالثة منه على أن " تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليه في هذا العهد . اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة[5] جاءت جميع نصوص الاتفاقية مؤكدة على مبدأ حق المساواة المطلق وذكرت الاتفاقية في المادة 11 تحديدا أنه "1. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي يكفل لها ، على أساس المساواة ببين الرجل والمرأة ، نفس الحقوق ولا سيما : أ. الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر . ب. الحق في التمتع بنفس فرص العمالة ، بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في شئون الاستخدام . ج. ج. الحق في حرية اختيار المهنة ونوع العمل ، والحق في الترقية والأمن على العمل وفي جميع مزايا وشروط الخدمة ، والحق في تلقي التدريب وإعادة التدريب المهني ، بما في ذلك التلمذة الحرفية والتدريب المهني المتقدم والتدريب المتكرر … …..". مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية [6] تنص المادة العاشرة من هذه المبادئ على أنه : " يتعين أن يكون من يقع عليه الاختيار لشغل الوظائف القضائية أفرادا من ذوي النزاهة والكفاءة ، وحاصلين على تدريب أو مؤهلات مناسبة في القانون . ويجب أن تشتمل أية طريقة لاختيار القضاة على ضمانات ضد التعيين في المناصب القضائية بدوافع غير سلمية . ولا يجوز عند اختيار القضاة ، أن يتعرض أي شخص للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء أو المنشأ القومي أو الاجتماعي ، أو الملكية أو الميلاد أو المركز ، على أنه لا يعتبر من قبيل التمييز أن يشترط في المرشح لوظيفة قضائية أن يمون من رعايا البلد المعني . مبادئ توجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة [7] ورد بهذه المبادئ بالمادة الأولى والثانية ما نصه : 1. يتعين أن يكون الأشخاص الذين يختارون لشغل وظائف النيابة العامة ذوي نزاهة ومقدرة وحاصلين علي تدريب ومؤهلات ملائمة . 2. تكفل الدول ما يلي: (أ) تضمين معايير اختيار أعضاء النيابة العامة ضمانات تحول دون تعيينهم على أساس التحيز أو المحاباة، بحيث تستبعد أي تمييز ضد الأشخاص يستند إلى العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره من الآراء، أو المنشأ الوطني والاجتماعي أو الأصل العرقي أو الملكية أو المولد أو الحالة الاقتصادية أو أي وضع آخر، ولا يستثنى من ذلك سوى أن اقتضاء كون المرشح لتولى منصب عضو النيابة العامة من رعايا البلد المعنى لا يعتبر تمييزا. وبعد هذه القراءة السريعة للمواقف والتشريعات ذات الصلة فإنه يجب علينا الآن ونحن في القرن الحادي والعشرين إعادة طرح بعض التساؤلات بشأن الموقف المصري من هذه القضية - ترى هل ما زال يرفض المجتمع ارتكانا إلى أعراف اجتماعية فكرة مساواة المرأة بالرجل وبالتالي فكرة توليها للمناصب القضائية ؟! - هل الإدارة ( الحكومة) تحول بين المرأة وتولي المناصب القضائية في مصر ؟ ! - هل منع المرأة من تولي القضاء موقف يرعاه القضاء المصري ذاته ويرسخ له ؟! - هل المرأة في مصر لم تكتمل أهليتها حتى الآن لتولي المناصب القضائية بالتساوي مع الرجل؟! - هل تحول التشريعات في مصر بين المرأة وتولي القضاء ؟! - هل تمنع الشريعة الإسلامية المرأة من تولي القضاء ؟!! - هل هذا المنع في حقيقته هو عنف ضد المرأة لا نجرؤ على الإفصاح به ؟! أسئلة تحتاج لأجوبة …………. [1] الأستاذ عصام الاسلامبولي المحامي - المرأة القاضي بين النص التشريعي والواقع العملي - المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة 2001 [2] مستبدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 ( الجريدة الرسمية العدد 13 مكرر في 31 مارس سنة 1984 ) [3] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في ديسمبر 1966والنفذ اعتبارا من مارس 1976 [4] العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية صادر في ديسمبر 1966 والنافذ اعتبارا من يناير 1976 [5] اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة صادرة في ديسمبر 1979 والنافذة اعتبارا من سبتمبر 1981 [6] مبادئ الأمم لمتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية معتمدة بقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 40/32 في 29 نوفمبر 1985 ورقم 40/146في 13 ديسمبر 1985 [7] اعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا من 27 آب/أغسطس إلى 7 أيلول/سبتمبر 1990 |
|